Monday, January 31, 2011

زوايا و دوائر:01-02-2011

درس لبقية الشعوب في المنطقة


لحظات مثيرة من تاريخ الوطن العربي يعيشها جيلنا . فبين تونس و مصر ثمة لوحة كبيرة اهتزت و لن تعود الى مكانها إلا بعد ان يحصل تغيير كبير يطوي مرحلة و يفتتح مرحلة جديدة ستكون بمثابة النموذج الذي سيبنى عليه الكثير في المستقبل القريب . فالدرس الاهم من احداث تونس و مصر انها انطلقت من احداث اعتبرت في لحظتها عابرة و هامشية ، فإذ بها الشرارة التي اشعلت سهلا و ما عادت تخبو لا بالوسائل العنفية و لا بالاجراءات السياسية المتي اتت في الحالتين متأخرة عن ركب الجمهور . و الحال انه و بصرف النظر عن الفوارق الكبيرة بين النظامين التونسي و المصري لناحية البنية و التاريخ و القدرات و حتى لناحية تفاعللهما مع المجتمع المدني ثمة حقيقة خرجت من التجربتين ، و مفداها ان دينامية الجمهور سرعان ما تتجاوز الشعارات المرحلية التي يرفعها السياسيون ، و كثيرا ما تصير حقائق الشارع المتسارعة هي مسيرة للتطورات : في تونس بدأت الحركة مطلبية و انتهت بإقتلاع نظام بأسره. و في مصر بدأت بسلسلة من التحركات الموضعية سياسية مطلبية و سرعان ادت الى وضع شعار رحيل الرئيس  في مقدمة المطالب . في الحالتين لعب الجيش دور حارس التغيير . انهارت الاجهزة الامنية في تونس و بقي الجيش الناظم للمرحلة الانتقالية . في مصر انهارت الشرطة و و بقي الجيش الناظم للمرحلة التي اضحت انتقالية كيفما تطورت الامور. اما المخابرات المصرية فجزء من ماكينة "مؤسسة الجيش" التاريخية فتبقى في عهدة الجنرالات ، و رئيسها التاريخي في المرحلة الاخيرة اللواء عمر سليمان يكسر حرما ارساه الرئيس حسني مبارك ليصبح نائبا للرئيس منهيا اشكالية التوريث.
في مطلق الاحوال لم تنته احداث مصر ، و لن تنته برحيل الرئيس حسني مبارك ، لأن البلاد مقبلة على مرحلة انتقالية صعبة و معقدة سيتعين على اطراف المعادلة الجيش ومعه ماكينة النظام المنبثقة عنه ، و المعارضات المتنوعة ابتداع صيغ حكم قابلة للحياة تحول دون سقوط البلاد في حالة فوضى لا قيامة منها.
احداث مصر و قبلها  احداث تونس لا شك في انها الهمت الشعوب العربي من الخليج الى المحيط . و لعل اهم الدروس المستقاة منهما تتلخص في انه ما ان تقرر مجموعة من الناس ان تدفع ضريبة الدم دفاعا عما تراه صوابا فإن الانظمة العربية تهتز . هذا درس يصح في كل مكان من الوطن العربي ، حتى في بلدان تعتبر قمعية و دموية . ان الخوف هو العامل الاكبر في تابيد الاستبداد في اي مكان .  و اليوم ثمة متغيرا اساسيا و هو ان الانظمة ما عادت قادرة على اراقة دماء الجماهير من دون حسب او رقيب.
انتهت ازمنة حلبجا ، و حماة ، و غيرهما من المحطات السوداء من تاريخ الانظمة العربية. و الباقي يتوقف على ارادة الجماهير و استعدادها للمجازفة بأغلى ما تملك في سبيل تحقيق التغيير الذي تصوب اليه .و في النهاية لكل بلد من بلدان المنطقة ظروفه و خصائصه ، و ما حصل في تونس او مصر قد لا يتكرر سريعا في غيرهما حيث الحاجة عظيمة للتغيير .

علي حماده  

No comments:

Post a Comment